فصل: قال ابن الجوزي:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



.قال ابن الجوزي:

قوله تعالى: {والسماء والطارق}
قال ابن قتيبة: الطارق: النجم، سمي بذلك، لأنه يطرق، أي: يطلع ليلاً، وكل من أتاك ليلاً، فقد طرقك.
ومنه قول هند ابنة عتبة:
نحن بنات طارق ** نمشي على النمارق

تريد: إن أبانا نجم في شَرَفه وعلوِّه.
قوله تعالى: {وما أدراك ما الطارق} قال المفسرون: ذلك أن هذا الاسم يقع على كل ما طرق ليلاً، فلم يكن النبي صلى الله عليه وسلم يدري ما المراد به حتى تبينه بقوله تعالى: {النجم الثاقب} يعني: المضيء، كما بيَّنا في [الصافات: 10].
وفي المراد بهذا النجم ثلاثة أقوال.
أحدها: أنه زُحَل، قاله علي رضي الله عنه.
وروى أبو الجوزاء عن ابن عباس رضي الله عنه قال: هو زحل، ومسكنه في السماء السابعة لا يسكنها غيره من النجوم، فإذا أخذت النجومُ أمكنتَها من السماء، هبط، فكان معها، ثم رجع إلى مكانه من السماء السابعة، فهو طارق حين ينزل، وطارق حين يصعد.
والثاني: أنه الثريا، قاله ابن زيد.
والثالث: أنه اسم جنس، ذكره علي بن أحمد النيسابوري.
قوله تعالى: {إن كلُّ نفسٍ} قرأ أُبَيُّ بن كعب، وأبو المتوكل إنَّ بالتشديد {كلَّ} بالنصب {لما عليها حافظ} وقرأ أبو جعفر، وابن عامر، وعاصم الجحدري، وحمزة، وأبو حاتم عن يعقوب {لما} بالتشديد.
وقرأ الباقون بالتخفيف.
قال الزجاج: هذه الآية جواب القسم، ومن خفف فالمعنى: لَعليها حافظ و(ما) لغو.
ومن شدد، فالمعنى: إلا، قال: فاستعملت {لما} في موضع (ألا) في موضعين.
أحدهما: هذا.
والآخر: في باب القسم.
تقول: سألتك لما فعلت، بمعنى: إلا فعلت.
قال المفسرون: المعنى: ما من نفس إلا عليها حافظ.
وفيه قولان.
أحدهما: أنهم الحفظة من الملائكة، قاله ابن عباس.
قال قتادة: يحفظون على الإنسان عمله من خير أو شر.
والثاني: حافظ يحفظ الإنسان حتى حين يسلِّمه إلى المقادير، قاله الفراء.
ثم نبه على البعث بقوله تعالى: {فلينظر الإنسان مم خلق} أي: من أي شيء خلقه الله؟ والمعنى: فلينظر نظر التفكُّر والاستدلال ليعرف أن الذي ابتدأه من نطفة قادرٌ على إعادته.
قوله تعالى: {من ماءٍ دافقٍ} قال الفراء: معناه: مدفوق، كقول العرب: سرٌّ كاتم، وهمٌ ناصب، وليلٌ نائم، وعيشة راضية، وأهل الحجاز يجعلون المفعول فاعلاً، قال الزجاج: ومذهب سيبويه، وأصحابه أن معناه النسب إلى الاندفاق، والمعنى: من ماءٍ ذي اندفاق.
قوله تعالى: {يخرج من بين الصلب} قرأ ابن مسعود، وابن سيرين، وابن السميفع، وابن أبي عبلة {الصلب} بضم الصاد، واللام جميعاً.
يعني: يخرج من صلب الرجل وترائب المرأة.
قال الفراء: يريد يخرج من {الصلب والترائب}.
يقال: يخرج من بين هذين الشيئين خير كثير.
بمعنى: يخرج منهما.
وفي {الترائب} ثلاثة أقوال.
أحدها: أنه موضع القلادة، قاله ابن عباس.
قال الزجاج: قال أهل اللغة أجمعون: الترائب: موضع القلادة من الصدر، وأنشدوا لامرئ القيس:
مُهَفْهَفَةٌ بَيْضَاءُ غَيْرُ مُفَاضَةٍ ** تَرائِبُها مَصْقولةٌ كالسَّجَنْجَلِ

قرأت على شيخنا أبي منصور اللغوي قال: السجنجل: المرآة بالرومية.
وقيل: هي سبيكة الفضة، وقيل: السجنجل: الزعفران، وقيل: ماء الذهب.
ويروى: البيت (بالسجنجل).
والثاني: أن {الترائب}: اليدان والرجلان والعينان، رواه العوفي عن ابن عباس، وبه قال الضحاك.
والثالث: أنها أربعة أضلاع من يمنة الصدر، وأربعة أضلاع من يسرة الصدر، حكاه الزجاج.
قوله تعالى: {إنه} الهاء كناية عن الله عز وجل {على رجعه} الرجع: رد الشيء إلى أول حاله.
وفي هذه الهاء قولان:
أحدهما: أنها تعود على الإنسان.
ثم فيه قولان:
أحدهما: أنه على إعادة الإنسان حياً بعد موته قادر، قاله الحسن، وقتادة.
قال الزجاج: ويدل على هذا القول قوله تعالى: {يوم تبلى السرائر}.
والثاني: أنه على رجعه من حال الكبر إلى الشباب، ومن الشباب إلى الصبا، ومن الصبا إلى النطفة قادر، قاله الضحاك.
والقول الثاني: أنها تعود إلى الماء.
ثم في معنى الكلام ثلاثة أقوال:
أحدها: رد الماء في الإحليل، قاله مجاهد.
والثاني: على رده في الصلب، قاله عكرمة، والضحاك.
والثالث: على حبس الماء فلا يخرج، قاله ابن زيد.
قوله تعالى: {يوم تبلى السرائر} التي بين العبد وبين ربه حتى يظهر خيرها من شرها، ومؤدِّيها من مضيِّعها، فإن الإنسان مستور في الدنيا، لا يُدري أصلى، أم لا؟ أتوضأ، أم لا؟ فإذا كان يوم القيامة أبدى الله كل سِرٍّ، فكان زَيْناً في الوجه، أو شَيْناً.
وقال ابن قتيبة: تُخْتَبرُ سرائر القلوب.
قوله تعالى: {فما له من قوة} أي: فما لهذا الإنسان المنكر للبعث من قوة يمتنع بها من عذاب الله {ولا ناصر} ينصره.
قوله تعالى: {والسماء ذات الرَّجع} أي: ذات المطر، وسمي المطر رجعاً لأنه يجيء ويرجع ويتكرَّر {والأرض ذات الصَّدْع} أي: ذات الشقّ.
وقيل لها هذا، لأنها تتصدَّع وتتشقَّق بالنبات، هذا قول المفسرين وأهل اللغة في الحرفين.
قوله تعالى: {إنه لقول فصل} يعني به القرآن، وهذا جواب القسم.
والفصل: الذي يفصل بين الحق والباطل بالبيان عن كل واحد منهما {وما هو بالهَزْل} أي: بالَّلعِب.
والمعنى: إنه جِدٌّ، ولم ينزل بالَّلعِب.
وبعضهم يقول: الهاء، في {إنه} كناية عن الوعيد المتقدم ذكره.
قوله تعالى: {إنهم} يعني مشركي مكة {يكيدون كيداً} أي: يحتالون وهذا الاحتيال المكر برسول الله صلى الله عليه وسلم حين اجتمعوا في دار الندوة، {وأكيد كيداً} أي: أُجازيهم على كيدهم بأن أستدرجهم من حيث لا يعلمون، فأنتقم منهم في الدنيا بالسيف، وفي الآخرة بالنار.
{فمهِّل الكافرين} هذا وعيد من الله لهم.
ومَهِّل وأَمْهِل لغتان جمعتا هاهنا.
ومعنى الآية: مهِّلهم قليلاً حتى أهلكهم، ففعل الله ذلك بِبَدْر، ونسخ الإمهال بآية السيف.
قال ابن قتيبة: ومعنى {رويداً} مهلاً، ورويدَك بمعنى أمهل.
قال تعالى: {فمهل الكافرين أمهلهم رويداً} أي: أمهلهم قليلاً، فإذا لم يتقدمها {أمهلهم} كانت بمعنى (مهلاً).
ولا يتكلم بها إلا مصغرة ومأموراً بها، وجاءت في الشعر بغير تصغير في غير معنى الأمر.
قال الشاعر:
كأنها مِثْلُ مَنْ يمشي على رُودِ

أي: على مهل. اهـ.

.قال الخازن:

قوله: {والسماء والطارق}
قيل نزلت في أبي طالب وذلك أنه أتى النبي صلى الله عليه وسلم فأتحفه بخبز ولبن فبينما هو جالس يأكل إذ انحط نجم فامتلأ ماء ثم ناراً ففزع أبو طالب، وقال: أي شيء هذا فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «هذا نجم رمي به، وهو آية من آيات الله»، فعجب أبو طالب فأنزل الله: {والسماء والطارق} يعني النجم يظهر بالليل، وكل ما أتاك بالليل فهو طارق، ولا يسمى ذلك بالنهار، وسمي النجم طارقاً لأنه يطرق بالليل قالت هند:
نحن بنات طارق ** نمشي على النمارق

تريد أن أباها نجم في علوه وشرفه.
{وما أدراك ما الطارق} قيل لم يكن صلى الله عليه وسلم يعرفه، حتى بينه الله له بقوله: {النجم الثاقب}، أي المضيء المنير، وقيل المتوهج، وقيل المرتفع العالي، وقيل هو الذي يرمى به الشيطان فيثقبه أي ينفذه، وقيل النجم الثاقب هو الثريا لأن العرب تسميها النجم، وقيل هو زحل سمي بذلك لارتفاعه، وقيل هو كل نجم يرمى به الشيطان لأنه يثقبه فينفذه، وهذه أقسام أقسم الله بها، وقيل تقديره ورب هذه الأشياء وجواب القسم {إن كل نفس لما عليها حافظ}، يعني أن كل نفس عليها حافظ من ربها يحفظ عملها ويحصي عليها ما تكسب من خير أو شر، قال ابن عباس: هم الحفظة من الملائكة، وقيل حافظ من الله تعالى يحفظها، ويحفظ قولها، وفعلها، حتى يدفعها ويسلمها إلى المقادير، ثم يحل عنها، وقيل يحفظها من المهالك والمعاطب إلا ما قدر لها.
قوله عزّ وجلّ: {فلينظر الإنسان} يعني نظر تفكر واعتبار {مم خلق} أي من أيّ شيءٍ خلقه ربه، ثم بيّن ذلك فقال تعالى: {خلق من ماء} يعني من مني {دافق}، أي مدفوق مصبوب في الرحم، وأراد به ماء الرجل، وماء المرأة، لأن الولد مخلوق منهما وإنما جعله واحدا لامتزاجهما {يخرج} يعني ذلك الماء وهو المني، {من بين الصلب والترائب} يعني صلب الرجل، وترائب المرأة، وهي عظام الصدر والنحر.
قال ابن عباس: هي موضع القلادة من الصدر، وعنه أنها بين ثديي المرأة، قيل إن المني، يخرج من جميع أعضاء الإنسان، وأكثر ما يخرج من الدماغ، فينصب في عرق في ظهر الرجل، وينزل في عروق كثيرة من مقدم بدن المرأة، وهي الترائب، فلهذا السبب خصَّ الله تعالى، هذين العضوين بالذكر {إنه على رجعه لقادر} يعني إن الله تعالى قادر على أن يرد النطفة في الإحليل، وقيل قادر على رد الماء في الصلب الذي خرج منه، وقيل قادر على رد الإنسان ماء كما كان من قبل، وقيل معناه إن شئت رددته من الكبر إلى الشباب، ومن الشباب إلى الصبا ومن الصبا، إلى النطفة وقيل إنَّه على حبس ذلك الماء حتى لا يخرج لقادر، وقيل معناه إن الذي قدر على خلق الإنسان ابتداء قادر على إعادته حياً بعد موته، وهو أهون عليه، وهذا القول هو الأصح، والأولى بمعنى الآية لقوله تعالى بعده {يوم تبلى السرائر} وذلك يوم القيامة.
قيل معناه تظهر الخبايا.
وقيل معنى {تبلى} تختبر، وقيل {السرائر} هي فرائض الأعمال كالصوم، والصلاة، والوضوء، والغسل من الجنابة، فكل هذه سرائر بين العبد وبين ربّه عزّ وجلّ وذلك لأن العبد قد يقول صليت ولم يصلِّ، وصمت ولم يصم، واغتسلت ولم يغتسل، فإذا كان يوم القيامة يختبر حتى يظهر من أداها ومن ضيعها.
قال عبد الله بن عمر: يبدي الله تعالى يوم القيامة كل سر، فيكون زيناً في وجوه وشيناً في وجوه، يعني من أدى الفرائض كما أمر كان وجهه مشرقاً، مستنيراً يوم القيامة، ومن ضيعها أو انتقص منها كان وجهه أغبر.
{فما له} أي لهذا الإنسان المنكر البعث.
{من قوة} أي يمتنع بها من عذاب الله {ولا ناصر} أي ينصره من الله، ثم ذكر قسماً آخر فقال تعالى: {والسماء ذات الرجع} أي ذات المطر، سمي به لأنه يجيء ويرجع ويتكرر {والأرض ذات الصدع} أي تتصدع وتنبثق عن النبات، والشجر، والأنهار، وجواب القسم.
قوله تعالى: {إنه} يعني القرآن {لقول فصل} أي إنه لحق وجد يفصل بين الحق والباطل.
{وما هو بالهزل} أي باللعب والباطل.
{إنهم} يعني مشركي مكة، {يكيدون كيداً} يعني يحتالون بالمكر بالنبي صلى الله عليه وسلم، وذلك حين اجتمعوا في دار الندوة وتشاوروا فيه.
{وأكيد كيداً} يعني أجازيهم على كيدهم بأن استدرجهم من حيث لا يعلمون فأنتقم منهم في الدنيا بالسيف، وفي الآخرة بالنار {فمهل الكافرين} أي لا تستعجل ولا تدع بهلاكهم.
قال ابن عباس: هذا وعيد لهم من الله، ثم لما أمره بإمهالهم بيّن أن ذلك الإمهال قليل.
فقال تعالى: {أمهلهم رويداً} يعني قليلاً، فأخذهم الله يوم بدر ونسخ الإمهال بآية السيف، والله سبحانه وتعالى أعلم بمراده. اهـ.

.قال النسفي:

سورة الطارق:
مكية.
وهي سبع عشرة آية.
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
{والسماء والطارق وَمَا أَدْرَاكَ مَا الطارق النجم الثاقب}
عظم قدر السماء في أعين الخلق لكونها معدن رزقهم ومسكن ملائكته، وفيها خلق الجنة فأقسم بها وبالطارق والمراد جنس النجوم، أو جنس الشهب التي يرجم بها لعظم منفعتها، ثم فسره بالنجم الثاقب أي المضيء كأنه يثقب الظلام بضوئه فينفذ فيه، ووصف بالطارق لأنه يبدو بالليل كما يقال للآتي ليلاً طارق، أو لأنه يطرق الجني أي يصكه.
وجواب القسم {إن كل نفس لما عليها حافظ} لأن {لَّمّاً} إن كانت مشددة بمعنى (ألا) كقراءة عاصم وحمزة وابن عامر فتكون {إن} نافية أي ما كل نفس إلا عليها حافظ، وإن كانت مخففة كقراءة غيرهم فتكون {إن} مخففة من الثقيلة أي إن كل نفس لعليها حافظ يحفظها من الآفات، أو يحفظ عملها ورزقها وأجلها، فإذا استوفى ذلك مات.
وقيل: هو كاتب الأعمال ف (ما) زائدة واللام فارقة بين الثقيلة والخفيفة، و{حافظ} مبتدأ و{عَلَيْهَا} الخبر، والجملة خبر {كُلٌّ} وأيتهما كانت فهي مما يتلقى به القسم.
{فَلْيَنظُرِ الإنسان مم خُلِقَ} لما ذكر أن على كل نفس حافظاً أمره بالنظر في أول أمره ليعلم أن من أنشأه قادر على إعادته وجزائه فيعمل ليوم الجزاء ولا يملي على حافظه إلا ما يسره في عاقبته.
و{مم خُلِقَ} استفهام أي من أي شيء خلق جوابه {خلق مِن مَّاءٍ دَافِقٍ} والدفق: صب فيه دفع.
والدفق في الحقيقة لصاحبه والإسناد إلى الماء مجاز.
وعن بعض أهل اللغة: دفقت الماء دفقاً: صببته ودفق الماء بنفسه أي انصب.
ولم يقل من ماءين لامتزاجهما في الرحم واتحادهما حين ابتدئ في خلقه {يَخْرُجُ مِن بَيْنِ الصلب والترائب} من صلب الرجل وترائب المرأة وهي عظام الصدر حيث تكون القلادة.
وقيل: العظم والعصب من الرجل واللحم والدم من المرأة {إنه} إن الخالق لدلالة خلق عليه ومعناه إن الذي خلق الإنسان ابتداء من نطفة {على رَجْعِهِ} على إعادته خصوصاً {لَقَادِرٌ} لبيّن القدرة لا يعجز عنه كقوله: إنني لفقير أي لبيّن الفقر.
ونصب {يوم تبلى} أي تكشف برجعه أو بمضمر دل عليه قوله: {رَجْعِهِ} أي يبعثه يوم تبلى {السرائر} ما أسرّ في القلوب من العقائد والنيات وما أخفى من الأعمال {فَمَا لَهُ} فما للإنسان {مِن قُوَّةٍ} في نفسه على دفع ما حل به {وَلاَ نَاصِرٍ} يعينه ويدفع عنه.
{والسماء ذَاتِ الرجع} أي المطر وسمي به لعوده كل حين {والأرض ذَاتِ الصدع} هو ما تتصدع عنه الأرض من النبات {إنه} إن القرآن {لَقول فَصْلٌ} فاصل بين الحق والباطل كما قيل له فرقان {وَمَا هوَ بالهزل} باللعب والباطل يعني أنه جد كله ومن حقه، وقد وصفه الله بذلك أن يكون مهيباً في الصدور معظماً في القلوب، يرتفع به قارئه وسامعه أن يلم بهزل أو يتفكه بمزاح {أَنَّهُمْ} يعني مشركي مكة {يكيدون كَيْداً} يعملون المكايد في إبطال أمر الله وأطفاء نور الحق {وَأَكِيدُ كَيْداً} وأجازيهم جزاء كيدهم باستدراجي لهم من حيث لا يعلمون فسمي جزاء الكيد كيداً كما سمي جزاء الاعتداء والسيئة اعتداء وسيئة وإن لم يكن اعتداء وسيئة، ولا يجوز إطلاق هذا الوصف على الله تعالى إلا على وجه الجزاء كقوله: {نَسُواْ الله فَنَسِيَهُمْ} [التوبة: 67] {يخادعون الله وَهُوَ خَادِعُهُمْ} [النساء: 142] {الله يَسْتَهْزِئ بِهِمْ} [البقرة: 15] {فَمَهِّلِ الكافرين} أي لا تدع بهلاكهم ولا تستعجل به {أَمْهِلْهُمْ} أنظرهم فكرر وخالف بين اللفظين لزيادة التسكين والتصبير {رُوَيْداً} مهلاً يسيراً ولا يتكلم بها إلا مصغّرة وهي من رادت الريح ترود روداً تحركت حركة ضعيفة. اهـ.